إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف logo إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه.       إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه. (يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم.
shape
تفاسير سور من القرآن
87364 مشاهدة print word pdf
line-top
تفسير قوله تعالى: قَالُوا أَجِئْتَنَا لِنَعْبُدَ اللَّهَ وَحْدَهُ

...............................................................................


قَالُوا أَجِئْتَنَا لِنَعْبُدَ اللَّهَ وَحْدَهُ وَنَذَرَ مَا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ قَالَ قَدْ وَقَعَ عَلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ رِجْسٌ وَغَضَبٌ أَتُجَادِلُونَنِي فِي أَسْمَاءٍ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا نَزَّلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ فَأَنْجَيْنَاهُ وَالَّذِينَ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَقَطَعْنَا دَابِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَمَا كَانُوا مُؤْمِنِينَ .
لما نصح نبي الله هود قومه هذا النصح الكريم، وذكرهم بآلاء الله ونعمه، وأشار لهم إلى أن الله أهلك من كان قبلهم لما عصوا وتمردوا، وكان قد خوفهم قبل هذا، وهددهم بأنهم إن لم يؤمنوا بالله أهلكهم الله وعذبهم.
قالوا له هذا الجواب الخبيث الذي هو في غاية الخبث، وبذاءة اللسان، والعتو، والتمرد على الله. قَالُوا ؛ أي قال قوم هود لهود أَجِئْتَنَا يا هود بهذه الدعوة التي جئت بها، والدين الذي تزعم وتدعو إليه، لتصرفنا عن آلهتنا التي كنا نعبدها، و لِنَعْبُدَ اللَّهَ وَحْدَهُ نعبد إلها واحدا لا نشرك به شيئا آخر من الآلهة. وَنَذَرَ ؛ أي ونترك ما كان يعبد آباؤنا من الآلهة. فقوله: نَذَرَ معناه نترك.
وهذا الفعل لا يوجد منه في العربية إلا مضارعه وأمره، تقول: يذر الأمر بمعنى يتركه، وذر بمعنى اترك، ولا يستعمل منه في العربية إلا الأمر والمضارع؛ فماضيه ترك واسم فاعله تارك، واسم مفعوله متروك، ومصدره الترك؛ لأنه لا يوجد منه إلا الأمر والمضارع.
فمعنى لِنَعْبُدَ اللَّهَ وَحْدَهُ ؛ أي لنفرد خالق السماوات والأرض وحده بالعبادة، وَنَذَرَ ؛ أي ونترك أي عبادة ما كان يعبده آباؤنا من قبلنا من هذه الآلهة والأصنام، وكانت عندهم أصنام يسمونها، كما دل عليه قوله: أَتُجَادِلُونَنِي فِي أَسْمَاءٍ سَمَّيْتُمُوهَا والمؤرخون وأهل الأخبار يزعمون أن منها صنما يسمى صداء أو صمد، وصنم يسمى صمود، وصنم يسمى الهباء، وهم يعبدون هذه الأصنام، ويسمونها بهذه الأسماء.
أَجِئْتَنَا لِنَعْبُدَ اللَّهَ وَحْدَهُ هذا إنكار منهم، وهم ينكرون أعظم الحق، وأوضح الحجج، وهي توحيد رب العالمين. وَنَذَرَ أي ونترك ما كان يعبد آباؤنا من قبلنا، ثم قالوا له: فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا نحن لا نصدقك أبدا، ولا نؤمن لك أبدا؛ فالعذاب الذي تهددنا به عجل به علينا، فإن كان عندك شيء أو صدق، فائت بالذي تهددنا به وتخوفنا به.
إن كنت صادقا في ذلك الوعيد فهات العذاب وعجله، وهذا أعظم الطغيان والتمرد؛ كما قال كفار مكة إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ وَقَالُوا رَبَّنَا عَجِّلْ لَنَا قِطَّنَا قَبْلَ يَوْمِ الْحِسَابِ فاستعجلوا بالعذاب، وأظهروا التمرد النهائي، وأنهم لا يرتدعون، ولا ينكفون عن كفرهم.
فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا ؛ أي بالذي تعدنا به من العذاب، وعذاب الله لنا في زعمك إن كنت من جملة الصادقين، فهات الذي تهددنا به تمردا على الله، وتعجيزا لرسوله، واستخفافا بدعوة نبيه.

line-bottom